جبال الحشر - تضم أكبر تجمع للحصون الحجرية بالعالم

للجبال في السعودية حكايات تروى منذ القدم ولا تمل، فلكل جبل تاريخ تتناقله الأجيال تلو الأجيال، لذا تزهو القمم الجبلية لتداعب السحب والغمام في كل مناطق المملكة وتقف شامخة لتدلل على عظمة إنسان الجزيرة العربية. ومع كثرة جبال المملكة، إلا أن هناك جبال تتمتع بشهرة كبيرة في كل منطقة من مناطق المملكة المترامية الأطراف، ففي الشمال جبال مدين في منطقة تبوك، وجبال اللوز التي تكتسي باللون الأبيض في الشتاء، ويصل ارتفاعها إلى 2549م، فيما يصل جبل أجا في حائل إلى 990 متراً، ومثلها في الارتفاع جبال طويق تتراوح بين 900متر و950 متراً، وأعلى قمة به يطلق عليها "فريدة الشَّظْية" وتقع في مدينة الحريق ويبلغ ارتفاعها نحو 1196 متراً. فيما أعلى قمة جبلية يحتضنها جبل السودة بأبها ارتفاعه 3225 متراً.

وتتميز العديد من الجبال بالمملكة باحتوائها على فنون معمارية لا مثيل لها، ومن هذه الجبال، جبال الحشر التي تسلب الألباب لاكتسائها بالخضرة وإطلالتها الساحرة، إضافة إلى القصور والقلاع والحصون والقرى التراثية المتناثرة على قممها. تقع الجبال في محافظة الداير بني مالك، ويصل ارتفاعها إلى 2300 متراً عن سطح البحر، وطقسها بديع خاصة مع استمرار سقوط الأمطار عليه على مدار العام. ومن أكثر ما يميز الجبال أنها موئل لبعض من الحيوانات البرية والطيور مثل الوبر والحجل والقرع والهدهد. بجانب كثرة نمو أشجار العرعر والقاع واللبخ والعتم والمراعي الطبيعية والغابات الكثيفة، مثل غابات الصليل ونيد المسلم والشجعة وحلوان، وتكثر بها الأودية مثل وادي جورا ووادي امحوجمة ووادي أمزينبه ووادي الخنتبه ووادي الغيناء ووادي شقراء، علاوة على الشلالات الطبيعية والبحيرات الصغيرة.

كل هذه المقومات المتنوعة والمختلفة، أهلتها لتصبح أحد أبرز المقاصد والمواقع السياحية في محافظة بني مالك والمملكة. كما يتسم الجبل بتربته الخصبة، وتنمو فيه أنواع نادرة من شجر الموز يعرف باسم الموز الجبلي، وهذا النوع من الموز يتميز برائحته العطرة وطعمة الشهي وأحجامه الكبيرة.

ولدى جبال الحشر مزايا أخرى كثيرة، فهي تضم أكبر تجمع للحصون الحجرية بالعالم، وتصل أعدادها إلى 237 حصناً حجرياً تتوزع على قرى جبال الحشر، فيما هناك حصون سقطت وتهدمت ولم يعد لها وجود. ويعود تاريخ هذه الحصون إلى ما يقارب ستة قرون. وتتكون هذه الحصون من طوابق متعددة وتم بناؤها بشكل أسطواني، وهذا الشكل المعماري الذي لم يتم استخدامه بشكل كبير ضمن لها البقاء وتحمل العوامل الطبيعية القاسية مثل العواصف وحتى الزلازل. ووفر الشكل الأسطواني لهذه الحصون القدرة على حفظ الحبوب والثمار لفترات طويلة قد تصل إلى سنوات دون أن يحدث لها أي أضرار، فقد كان يتم تخزين الحبوب بها كغرف تخزين.

وكانت تضم الحصون أيضاً غرف للأسلحة وأبراج مراقبة، وغرفاً للطبخ والضيوف، وكان يتم وضع الدواب والأغنام في بيت دائري كبير أسفل الحصن

ومن الحصون التي تحظى بشهرة واسعة بجبال الحشر، حصن الهديهدة، وهو بمثابة بوابة جبال الحشر من الجهة الغربية، وحصن ذات الثمار، وحصن امحربة.